الدولة المدنية

الدولة المدنية

هل مبدأ الديمقراطية هو النظام الامثل للبشرية ؟؟
طالما احتدم الصراع الفكري الايديولوجي بين الاسلاميين من جهة وبين العلمانيين والدعاة للنظام الغربي حول نوع الحكم الافضل للبشرية وكل يدلو بدلوه , والصراع يحتدم اليوم وطبعا كلنا يرى بأم عينه ان الكفة تميل في الوقت الراهن للمنادين بتطبيق النظام الديمقراطي ...
لكن السؤال هل فعلا وواقعا ان النظام الديمقراطي هو النظام الامثل لحكم البشرية ؟؟؟!
هنا نتكلم بشكل منطقي مجرد , بغض النظر عن وجهة نظر الشرع المقدس او غيره ..
نقول : بما ان بني ادم مختلفون تكوينيا , فاذا كانت الديمقراطية تضمن حقوق هذه الفئات المختلفة وتنمي قدراتها وتدرأ المخاطر والمشاكل عنها فبها ونعمت , ولكن ان تحولت هذه الديمقراطية الى اعتداء على حقوق المجتمع تحت ذريعة اعطاء حقوق الفرد ؟؟؟!!!
على سبيل المثال التبرج هو حرية فردية ... ولكن هذه الحرية تسبب نشر الفساد في المجتمع , وبالتالي سوف يعلو حق الفرد على حق المجتمع , وهنا سيختل نظام الدولة في ناحية معينة ..
او ضمان حقوق الملكية الخاصة للفرد دون قيود , والتي تؤدي بدورها الى تكون الطبقية وبالتالي تفرعن طائفة على طائفة اخرى , ونشوء الطبقية يؤدي الى تبعية بالقوة من قبل افراد كثيرين الى افراد لايشكلون نسبة تقارن مع هؤلاء ...
هذا مثال بسيط على سلبيات بعض انواع الديمقراطيات , وانا هنا لا ازعم ان انظمة الحكم التي رفعت شعار الاسلام كانت صائبة فيما ذهبت اليه تلك الانظمة , لهذا رجوت التنويه ..
وان شاء الله يكون لنا سلسلة بحوث في هذا الاتجاه .

حكم الشعب للشعب
شعار كثيرا مانسمعه يردده سياسيي العراق ... وهو شعار اصبح اجوف فارغ مجرد نعق ولعق على السنة هؤلاء الساسة المتفرعنين .
ان حكم الشعب كمفهوم يشكل الضامن الوحيد للحد من انحراف المسار الديمقراطي عن جادة الصواب .
لكن هو ضامن فيما اذا طبق بشكل سليم وليس سقيم كما نراه اليوم .
فحكم الشعب يعني رقابة الشعب على حكومته المنتخبة ومحاسبته اياها في حال انحرفت عن خدمة شعبها الذي وضع ثقته بها .. وهذه الرقابة تتمثل في عدة اجراءات منها المظاهرات السلمية او الاضرابات او صناديق الاقتراع ... وفي المقابل حتمية استجابة تلك الحكومة ... اما في حالة عدم الاستجابة فهذا يعني ان تلك الحكومة فقدت شرعيتها ولا بد من ان تحفظ ماء وجهها وتستقيل طوعا لانها لم تعد تمثل الشعب ولا تطلعاته وهي ماجائت الا بانامل هذا الشعب الذي منحها الصلاحية وهو المخول الوحيد في سحب تلك الصلاحية والثقة منها وما عليها الا الاستجابة .. والا لاصبحت حكومة استبدادية ديكتاتورية لا تختلف عن اي نظام شمولي دكتاتوري .
وهذا مانجده اليوم وبلا فخر يتمثل في الحكومة العراقية الفاشلة المتسترة زورا وكذبا برداء الديمقراطية المزعومة ...

المبدأ الديمقراطي , والمبدأ الديكتاتوري

المبدأ الديمقراطي القويم النابع من المسار التصحيحي التجريبي البناء في النظم الغربية , اثبت انه مبدأ ذو نفس طويل في بقاء تلك الانظمة مقارنة بالانظمة الشمولية الديكتاتورية , لانها قائمة على اساس امتصاص نقمة الجماهير باساليب مرنة غير صدامية مع شعوبها ومجتمعاتها , اذ ان اي نظام تكثر سلبياته غالبا ماتكون صناديق الاقتراع هي الفيصل في عزله وانهائه للابد , مع ضمان عدم التغيير الجذري في فلسفة نظام الحكم القائم ...
عكس هذا الشيء تماما نجده في الانظمة الشمولية ... حيث ان سياسة الضغط على الشعوب دون استحداث طرق تمتص هذا الغضب الجماهيري يؤدي في النهاية دون ادنى شك الى سقوط مدوي لهذه الانظمة بل وقلعها من الجذور على مستوى النظرية والتطبيق ..
ومن باب منطقي عقلائي شرعي , نتيقن ان الاسلام الرسالي سوف يكون الى جانب المبدأ الاول ضد المبدأ الثاني بغض النظر عن سلبيات الاتجاه الاول .

المظاهرات على من ؟؟؟
العراقيون الامة الوحيدة تقريبا التي فشلت في مظاهراتها .. ولكن هل سأل احدكم ماهو السبب في هذا الفشل ؟
السبب الرئيسي هو عدم صلاحية تلك المظاهرات وعدم وعيها فخروجها عبثي .... المظاهرات لايجب ان تكون على الحكومة الفاسدة بالمرة ، بل المظاهرات لابد ان تكون على هذا الشعب التعيس البائس في الاصل .
ولكن هذه المظاهرة لابد ان تتخذ شكلا اخر ... لابد ان تقوم الشريحة الواعية بالتثقيف السريع والشامل للناس فان هم نجحوا توقعوا التغيير الجذري في العراق .... وان هم فشلوا فلا تتوقعوا اي تغيير بالمرة بل سوف تكون المظاهرات عبثية وشكلية فارغة المحتوى وستصبح روتينية دائما كما هي الان بالفعل .
فيا شعب لا تتظاهر على من انتخبتهم بنفسك بل تظاهر على نفسك الجاهلة الساذجة التي تجعلك تنتخب الفاسدين والسفلة المجرمين كل مرة !!!!!!

كيف نميز المصلحين من المفسدين قبل انتخابهم ؟
هذا السؤال طالما اصبح حديث الشارع العراقي وكان عذر كثير ممن انتخبوا المفسدين انهم لم يكونوا يعرفون بفسادهم مسبقا...
وايضا يدافعون عمن اوجب انتخاب المفسدين بانهم ايضا لم يكونوا
يعرفون بانهم سيكونوا مفسدين فهم لا يعلمون الغيب !!!!
والحقيقة هذا كلامهم ليس فيه اي مبرر ... لان انتخاب. هؤلاء المفسدين بني على مقدمات فاسدة ..
اهم هذه المقدمات انهم لم يتم اختيارهم على اساس الكفاءة ولا على اساس الولاء للوطن ... انما على اساس انتمائهم المذهبي .. واذا دققنا في هذه المقدمة نجد انها مقدمة فاسدة ، وهنا يطرح سؤال منطقي الا وهو هل ان كل من ادعى ا نه شيعي يكون فعلا مواليا لال البيت ع ؟ ثم هل هؤلاء يفهمون المعنى الواقعي لموالاة ال بيت النبوة ؟؟!
واين كانت تربيتهم الفكرية والاخلاقية والاجتماعية ؟ وهل تم وضعهم تحت التجربة العملية ؟ ومتى واين ؟ وما مؤهلاتهم ؟؟؟ هذا وغيره كله كان غير معروف او واضح في الانتخابات الأولى .ثم هل تم توعية الشعب بالطرق السليمة في عملية تشخيص الأصلح في الانتخابات ؟.وهل هذه الطرق نابعة من دراسة منطقية علمية تجريبيه وهل قادها خبراء وما مؤهلاتهم وهل هم ثقات وووووو ....الخ .. هذا وغيره كان مفقودا في كل الانتخابات العراقية ولا زال .
فلا بد من دراسة كل شيء من جديد وتشخيص الواقع أو الاقرب من الواقع حتى لا تتكرر نفس الاخطاء السابقة .

هل الديمقراطية وسيلة ام غاية ؟؟؟
الديمقراطية كلمة يونانية الأصل بمعنى حكومة الشعب، أو سلطة الشعب، فالشعب بالمفهوم الديمقراطي
يحكم نفسه بنفسه، وهو مصدر السلطات في الدولة، فهو الذي يختار الحكومة، وشكل الحكم، والنظم السائدة في الدولة؛ السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية؛ بمعنى أن الشعب هو أساس الحكم، وأساس السلطات في الدولة، وهو مصدر القانون الذي تخضع له الدولة .
وسؤالنا هنا هل أن الديمقراطية بهذا الشكل تلبي كل متطلبات الفرد والجماعة أو المجتمع ؟
عرفنا من خلال بحوث سابقة أن الديمقراطية شيء والعدالة والمساواة شيء آخر تماما ... لان العدالة والمساواة والامن والخدمات والحرية وحقوق الأقليات هي حق طبيعي وواقعي لكل فرد .... فهل أن كل نظام ديمقراطي أو كل نظام ينتحل الديمقراطية هو نظام عادل ويحقق كل ما أشرنا إليه قبل قليل من حقوق فردية ؟؟
لو تتبعنا كثير من هذه النظم لوجدنا كثير من الخروقات وفي افضل النظم الديمقراطية وارقاها وبهذا نتوصل الى نتيجة هي : أنه لا يشترط بالتلازم أن يحقق النظام الديموقراطي كل متطلبات الأفراد بالحياة الكريمة ...
إذا المحصلة النهائية هي أن الديمقراطية سوف تكون وسيلة لا غاية ... وسيلة لتكامل الإنسان لا غاية تحقق تكامل الإنسان .
ومن هنا نجد خطابات سماحة السيد الصرخي الحسني دام ظله الشريف تؤكد بشكل دقيق جدا على الغاية المراد تحقيقها وهي الوصول ببني البشر والوصول بالشعوب الى التكامل الانساني في كافة المجالات .. سواء اكانت الديمقراطية هي الوسيلة او اي نهج اخر سوي يصل بنا إلى الغاية المنشودة .

الدولة الدينية تنهار أمام الدولة المدنية
أن أي دولة دينية عارضت المدنية نجدها فشلت في إقامة وتثبيت اركان حكمها ... وهذا سبب فشل أي حركة دينية من هذا النوع على مدى التاريخ ... اصلا أن كل ثورة شعبية قامت ضد الدين مردها وسببها الاول هو معارضة رجال الدين لإقامة المدنية ...
فالتاريخ يحدثنا أن أي دولة علمانية أو غير دينية قامت وعورضت من أرباب الدين والذين هدفهم تحقيق أهوائهم تحت ستار الدين نجد نجاح وسيطرة تلك الدولة العلمانية أو الغير دينية على أرباب ورجال الدين ... وهذا يؤكد أن فرضهم وزعمهم لإقامة الدولة الدينية ليس نابعا من إرادة الله عز وجل ... ويؤكد أن القائم على ذلك الدين لاياخذ الأحكام والتشريعات من روح الشريعة ... لأنه يستحيل باي شكل من الأشكال أن يخطا الله عز وجل في حكمه أو أنه حاشاه ياتي لنا بنظام فاشل كلاسيكي لا يمكن تطبيقه ..
وتلك بحد ذاتها حكمة إلهية مردها الى قانون ( التمحيص والابتلاء ) والذي من أجله خلق العالم وجعل الحق والباطل والخير والشر ليبلوكم ايكم احسن عملا ..
وليعلم الذين آمنوا من الذين اتبعوا أهوائهم وضلوا سواء السبيل ... وهذا هو الأمر الصعب المستصعب الذي قصده ال البيت عليهم السلام .
فلا بد أن يكون أمرهم صعباً مستصعبا والا لما كان هناك أي معنى للاختبار الالهي ولا
معنى للخلق والخليقة ...